ففي الوقت الذي كان المسلمون
يحيونه بالباقيات الصالحات من صوم ودعاء وإخبات، كانت بعض الأوكار في العاصمة تلطم
وتنوح وتنادي بالثارات، وتسب وتلعن خير الأصحاب في تحد لمشاعر المسلمين، مع صمت
مريب وغض للطرف ممن يهمهم الأمر، وبات القيمون على هذه الأوكار لا يخشون سبة
فعلتهم، ولا يجدون غضاضة في نشر وتسريب بكائياتهم ولطمياتهم وعلاقاتهم المشبوهة
بفيالق الغدر الرافضية، في لبنان والعراق وإيران.
وفي سياق هذه الفاجعة كان لزاما توجيه رسائل
عاجلة قبل أن يستفحل الداء، ويتسع الخرق على الراقع، ويتمكن سرطان الرفض الخبيث من
جسد هذه الأمة المنهك، ويصدق حينها بيت دريد:
أمرتهم أمري
بمنعرج اللوى *** فلم يستبينوا النصح إلا ضُحى الغد
الرسالة الأولى/ إلى رئاسة الجمهورية والحكومة:
من السياسية
الشرعية والمصالح المرعية عقد الاتفاقيات وتوطيد الصلات مع دول العالم، بما لا
يخالف قواعد وأحكام الشرع الحنيف، لكن
الدول التي تحترم ذاتها وتحرص على سيادتها تضبط حركة وأداء البعثات الدبلوماسية
على أراضها، ولا تسمح لها بتجاوز مهامها، ولا بترويج ما قد يخرق السفينة ويخرم
الأمن العام، وليس سرا أن سفارة إيران ترعى – منذ بعض الوقت - أشخاصا ومنظومات
مشبوهة، تروج لانحرافات الرافضة، وتدق إسفين الفرقة والتشرذم بين مواطني هذا
المجتمع متعدد الأعراق والجهات، والذي لا يجمعه غير الدين والمذهب.
لقد اكتشفت
حكومات كثيرة خطر دعوات التشيع على نسيجها المجتمعي، فاتخذات قرارات صارمة تجاهه،
كما حصل في السودان والمغرب والإمارات، وغيرها من دول العالم، وأن نستيقظ متأخرين
خير من ألا نستيقظ.
الرسالة الثانية/ إلى وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم
الأصلى:
ما هذا
الصمت المريب عن جامع ومدرسة الإمام علي (مسجد الشيعة) في دار النعيم؟!.. وقد وصلتكم شهادات الثقات فلم تحركوا ساكنا، واستفاض
بشهادة جيران المسجد ورواده أنه خنجر مسموم، غرز في جسد عاصمتنا الفتية، وأنه
يستقطب الأطفال وضعاف التكوين فيلقنهم لعن الشيخين أبي بكر وعمر، وغير ذلك من
انحرافات القوم، وقد كثر اللغط حول هذا الوكر المعلن، وغيره من الأوكار السرية.
أما لكم
أسوة بوزارة الأوقاف الأردنية وغيرها من الجهات، التي أدركت بوعي وظيفتها، وتحملت
مسؤوليتها في حماية دين الأمة.
الرسالة الثالثة/ إلى العلماء والمفكرين:
قال الله
عز وجل: "وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ".
إن
الجماعة المسلمة بأمس الحاجة إلى أن تتسلموا قيادتها، لئلا تتجارى بها البدع
والأهواء، ويعبث بها أصحاب المطامع والمطامح.. فمن واجب الوقت أن تتصدوا لهذه
الهجمة الشرسة على عقيدة الأمة وأمنها الفكري والمجتمعي.. إن "وظيفة البيان
للناس" وصد هذه الهجمة لا يجوز بحال أن ترتبط بمصالح وأجندات هذه الدولة أو
تلك، أو هذه الجهة أو تلك، وإنما يجب أن تكون لله وبالله، أصلها ثابت وفرعها في
السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
الرسالة الرابعة/ إلى السياسيين والمثقفين:
لا
تستهوينكم دعاوى المقاومة والممناعة، فقد عرت بلاد اليمن والشام والعراق أطماع الصفويين،
الذين لم يكونوا يوما ولن يكونوا في عداء مع الغرب، بل هم أداته في الحرب على الأمة،
فأمريكا صاحبة الحروب الاستباقية لا تزال تهدد القوم وتتوعدهم منذ عقود، دون أن
تطلق رصاصة واحدة، بل سلمتهم العراق وخيرات العرق، وتقاسمت معهم المصالح على أكثر
من صعيد.
وغياب حكم
جامع للأمة، وخيانة وتخاذل حكام العرب لا يسوغ أن نعيش الوهم، ويغرنا السراب
الخادع، حتى إذا حقت الحاقة ندمنا ندامة الكسعي، ولات ساعة مندم.. إن المثقف الحق
فاعل مؤثر لا منفعل، وصانع للأحداث لا منجرف مع التيار.
وليس يخفى
على ذي عينين أننا الأمة وأن القوم طائفة، فالسنة الإسلام وهم أهله وحملته، حال
الانتصار وحال الانكسار، ومن مظاهر ضعف الأمة ظهور الطوائف والفرق التي تنخر
جسدها، تماما كالرجل الذي أنهكه المرض وأضناه، فإنه تضعف مناعته، لكنه لا يلبث أن
يستعيد عافيته، وينفي خبثه إذا وجد الطبيب الآسي.
الرسالة الخامسة/ إلى الدعاة والمصلحين:
لا يخفى
عليكم ما يبذله القوم من وقت وجهد، وما يرصدونه من ميزانيات ضخمة في سبيل التمكين
لباطلهم، فهلا بذلتم عشر معشاره في الدفاع عن حصونكم المهددة، هل تنتظرون أن يكون
السب واللعن واللطم كشرب الشاي لدى الشناقطة!.. بالله نعوذ من "جلد الفاجر
وعجز الثقة".. لا نريد هبة عاطفية لا تلبث أن تخبو، وإنما يلزم وضع برامج عمل
طويلة النفس، محسوبة الخطوات والعواقب، مبنية على رؤى علمية واقعية، مبنية على
دراسات وأبحاث متأنية، موظفة جميع أدوات ووسائل التأثير، ووسائط الإعلام قديمه
وجديده.
لا تزال
الفرصة سانحة والأوضاع مواتية، فليس كل من يطلق دعاوى الرفض رافضة، بل ركب الموجة
أدعياء عروبة انحيازا لجزار الشام وطاغيتها، واعترافا بجميل إيران وحشودها لفتكهم
بأهلنا في الشام والعراق، كما استغل بعض خصوم الاسلام الهجمة لا حبا للرافضة وإنما
كرها للإسلام، ولأجل تحقيق بعض أهدافهم المرحلية، والذين يتزعمون القوم هم
"نوائح مستأجرة"، لا يحظون بالثقة والاحترام في محيطهم الضيق، فكيف
يكسبون المعركة وفي الأمة علماء ودعاة صادقون، يذون عن الدين وينفون عنه تحريف
الغالين وتأويل المبطلين.
الرسالة السادسة/ إلى المدونين والإعلاميين:
لا شك
أن كلماتكم أمضى في هذه العوالم، وأنكم أملك للتأثير، فامتشقوا سلاح الكلمة الطيبة
الهادفة حماية للمجتمع، وعروا كل متاجر مرتزق من "زوار السفارات"
والحوزات، ولا تأخذنكم في الله لومة لائم.. ولا تنطل عليكم دعاوى القوم، فليس
الحسين رضي الله عنه أول شهيد في الاسلام ولا آخره، وفي الفتنة الكبرى التبس الأمر
على عقلاء الصحابة وعلمائهم وعبادهم وهم شهود، فهل يستبين أمرها لجهال لم
يشهدوها؟!.. ثم إن لوثة الليبرالية أعمت كثيرين، فنسوا أن الأحدث تفهم في سياقاتها
ووفق ظرفيها الزماني والمكاني، فليس التوريث في القديم جرما عند جميع الأمم، وليست
الدولة المدنية الديمقراطية نهاية التاريخ، لذا فإن من السخافة والجناية أن نسيء لصاحب
رسول الله صلى الله عليه وسلم خال المؤمنين معاوية رضي الله عنه بدعوى رفض
التوريت!.
الرسالة السادسة/ إلى دعاة الرفض وتجار الفتنة:
توبوا إلى
الله عز وجل واعلموا أنكم موقوفون بين يديه سبحانه، واتقوا الله في وحدة هذه الأمة
وتماسكها، وللذين يسترزقون ويقتاتون من هذه الدعوات عليكم أن تدركوا أن الله عز
وجل هو الرزاق، وأن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في
الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن ما عند الله لا
ينال إلا بطاعته.
وليكن في
حسبانكم أن الرفض لا ينبت تحت سنابك خيل المرابطين، وأن شنقيط تنفي خبثها، فقد
كانت وستبقى دار سنة ومأرز إيمان، تعلم الدنيا وتحفظ العلم وسائله وغاياته، إليها
يفد طلابه من أصقاع الدنيا، ليتفقهوا في الدين وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق