محمد بن المختار الشنقيطي .. من المخاض إلى الفوضوية

قطعتُ المعايدات ثاني أيام عيدي السعيد ... لأسافر ألكترونيا كعادتي شوقا للوطن ... أشتمُّ النسيم .. وأتفيأ الظلال .. ظلال النخيل ... ولو من بعيد ... فعلِّي أعيش ولو شعوريا سويعات الهنا في واحات
وأودية وهضاب تكانت ... فأنا وبكل فخر "حد أصيل بتكانت" ... في هذه أشبه أبي ابن الكصري غير أني لا أطيق عنها لبث عام ... ومن يشابه أبه فما ظلم.
     بدأت كالعادة بتصفح موقع وكالة الأخبار المستقلة أنشد ضالتي ... مع ثقة باللقيا لا تقاوم ... فقد أخذت الأرض زخرفها وازينت ... ونعم العباد بالغيث العميم بعد جدب كاد يطول... ولكن يا للهول ... ويا للصدمة ... ويا للمفاجأة.... مالي ألاقي هشيما وجدبا... هشيما من الأفكار ... وجدبا من الذوق الرفيع والخلق القويم ... إذ لاح أمام ناظري عنوان يتصدر الصفحة بالخط العريض "الشنقيطي: لا مستقبل لـ"السلفية الفوضوية"" ... أعدت القراءة مرة تلو الاخرى ... فقد أكون واهما ... أو خانني بصري ... اتهمت نفسي في البدء سعيا لبراءة "إخواني"!.
لم يطل ليلي ولكن لم أنم *** ونفى عني الكرى طيف ألم
فاهجر الشوق إلى رؤيتها *** أيها المهجور إلا في الحلم
حدثني عن كتاب جاءني *** منك بالذم ومــا كنت أذم
     واصلت القراءة ... ومع كل فقرة تزداد الصدمة ... ويثقل وقع المفاجأة ... فأنا فعلا أمام إساءة وتحامل خارج السياق توقيتا ومضمونا ... مقابلة لا تتواءم وظرفيها الزماني (ثاني أيام العيد) والمكاني (موقع الأخبار أنفو) ...
     فالعيد السعيد بإطلالته الجميلة فرصة للتسامح والتصافي بين المسلمين عامة، وحملة هم الاسلام خاصة، فما بال العيد أضحى مناسبة للتحامل واللمز والغمز ظلما وعدوانا، وبطريقة فجة تفتقد الذوق وتخلو من أدب النصح.
     كما أن المسلمين تخرجوا لتوهم من مدرسة الصيام بما تكسبه من تقوى وتورثه من خشية، فكان من غير المتوقع أن تكون "صدقة فطر الشنقيطي" و"عيديته" استطالة في أعراض خيرة الامة وحملة مشعل الهداية بهذا الاسلوب، ويكون "أهل الأخبار" من يقدمها، فهلا كسوا ألفاظها بقليل من المجاملة لتكون أدعى للقبول، طعمة لفقراء الأفكار من "الملكيين" و"الفوضويين"، وطهرة للعلامة الدكتور وجبرا "لصيامه في بيئة غير ملكية ولا فوضوية".
      لقد زاد من وقع المقابلة كون الموقع واجهة إعلامية لتيار إسلامي معروف وبالتالي لن تفهم إلا في إطار كونها ركوبا لموجة الهجوم على كل ما هو إسلامي باسم الارهاب والتطرف ومحاولة لتحقيق أهداف حركية ضيقة بطريقة غير شريفة، مع السقوط في فخ نصبه المحافظون الجدد، بل لا خفاء ولا سر في طلبهم جهارا نهارا بأن يكون هذا التيار حربا على إخوانه يقوم بدور الوكالة القذرة، وقد ثمنوا جهوده الفكرية في هذا الصدد، رغم استقلالهم للجهود العسكرية في العراق وأفغانستان مثلا.
      لقد حاول الموقع إظهار الحياد وتحميل الكاتب مسؤولية أفكاره وهو ما لايستقيم ولا يقبله متابع، إذ تدل القرائن على أن المقابلة موجهة ومخطط لها بعناية، حيث وحدة الموضوع رغم ما تزخر به الساحة من أحداث، على المستوى العام، وعلى المستوى الحركي، فهل غاب عن ذهن المحاور مثلا سؤال العلامة الدكتور عن "الاسلاميين الديموقراطيين" وتراجعاتهم الفكرية وتخليهم عن مبدإ حاكمية الشريعة وتنسيقهم مع المحتل وتقييم مشاركاتهم الديمقراطية والجدوى من ورائها بعد الانتكاسات المتلاحقة، وكفر العالم بالديموقراطية إن هي أوصلت من لم ينسلخ من دينه بالكلية، وهل هناك سقف لتنازلاتهم بعد أن كانوا إسلاميين يرون الاسلام هو الحل ويعتقدونه مهيمنا على كل شؤونهم ثم لم يزل بهم الحال إلى أن صاروا مجرد "ذوي خلفية إسلامية"، وكأن الاسلام صورة حائطية مزينة بالورود يقفون أمامها لالتقاط الصور في كرنفالات مقاولات تحسين الصورة وكسب ود السذج من الناخبين، أم أن كل هذه موضوعات لا تحتاج رأي العلامة الدكتور إذ لا اجتهاد مع وجود "نص دستوري"، حتى لو كان هذا الدستور ينزل دين الله بعد طاغوتي القوانين والأعراف... أم هل غاب عن حس المحاوِر والمحاوَر أنهما خرجا للتو من أزمة خانقة شهدت تموضعات سياسية وتغييرا في الولاءات وقرارات مصيرية كالمشاركة في حكومة مطبعة كانت تنعت بكل نقيصة .. ثم أعقب ذلك الدفع بمرشح للرئاسيات ذي خلفية إسلامية، ألا يحسن بالموقع أن يثير أسئلة حول هذه النقاط لأهميتها الاستراتيجية وتأثيرها المباشر على الساحة؟!!...
رحم الله أمينة قطب يوم قالت:
رأيت تبدل خط الحداة *** بما نالهم من عناء السنين
فمالوا إلى هدنة المستكين *** ومدوا الجسور مع المجرمين
رأوا أن ذلك عين الصواب *** وما دونه عقبات الطريق
بتلك المشورة مال السفين *** تأرجح في سيره كالغريق
وفي لجة اليم تيه يطول *** وظلمة ليل طويل عميق
حزنت لما قد أصاب المسير *** وما يملك القلب غير الدعاء
بأن ينقذ الله تلك السفين *** ويحمي ربانها من بلاء
وأن يحذروا من ضلال المسير *** ومما يدبر طي الخفاء
ترى هل يعودون أم أنهم *** يظنون ذلك خط النجاح؟
وفي وهمهم أن مد الجسور *** سيمضي بآمالهم للفلاح
وينسون أن طريق الكفاح *** به الصدق والفوز رغم الجراح
      إن طريقة تقديم الكاتب طريقة في التلميع قديمة ترفع من قيمة القائل والمقصود مقولاته، وهي شنشنة نعرفها من أخزم، فإن لم يكون للقائل ماض يسعفه ولا علم يرفعه شفع له منصبه ... والمطلع على الانتاج العلمي والفكري والسيرة الذاتية للشنقيطي يدرك دون كبير عناء فداحة تقديمه مرشدا ومسددا لما تركت أفكاره من أثر سيء وأثارت من شبهات.
     كانت تلكم دواعي الصدمة والمفاجأة من نشر موقع الأخبار والقائمين عليه ومَن وراءهم للمقابلة المسيئة، أما صدور مثل هذا الكلام من الشنقيطي فلم يفاجئني لجملة أسباب منها أنه كاتب خارج الاقواس، لم يرض عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وقد رضي الله عنهم، فكيف يرضى عن من تبعهم بإحسان، ويعتبره خصومه على الأقل ذا نزعة رافضية اعتزالية، وقد طردته جامعة الايمان اليمنية التي يقوم عليها فضيلة الشيخ عبد المجيد الزنداني حفظه الله، بعدما اكتشفت جزء من انحرافاته الفكرية وجرأته على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، خاصة كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم معاوية رضي الله عنه الذي يصفه بقوله: "على أن دور معاوية أكبر من مجرد الخروج على الجماعة ومنازعة الأمر أهله، فهو الذي أرسى نظام الملك بديلا عن دولة الخلافة، فسن في الإسلامي تلك السنة السيئة ، وفتح بها أبوابا من المظلم التي لم تتوقف، ومن الدماء التي لم تجف منذ أربعة عشر قرنا، وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع : كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب، وهو أمر لا يزال المسلون يعيشون مساوئه إلى اليوم، فسواء تأولنا لمعاوية في مواقفه خلال الفتنة أم لم نتأول، فإن سلوكه السياسي اللاحق ليس مما يمكن التأول له.... فقد كانت الفتنة التي قادها معاوية هدما لأركان الخلافة الراشدة ، لكن ما فعله معاوية بعد الفتنة من توريث السلطة لابنه بالترغيب والترهيب كان أسوأ أثرا، لأنه إرساء لبناء جديد منحرف على أنقاض تلك الخلافة وسد لأبواب استردادها، فليتكلف المتكلفون ما شاءوا في تأويلهم لما حدث أثناء الفتنة، لكنهم لن يجدوا ما يتأولونه لما حدث بعد ذلك، إذا كانوا حقا ممن يجعل قدسية المبادئ فوق مكانة الأشخاص".... وسلف الشنقيطي في الافك الأثيم هذا شيخه راشد الغنوشي ... ويكفيك أخي القارئ أن تطلع على كتابه "الخلافات السياسية بين الصحابة" لتدرك كم أساء للأشخاص الذين هم حملة ونقلة المبادئ فأخطأ مرتين.
أمْسُ استضافت عيوني طيفَه وأنا *** مِنْ هيبةِ الوجهِ حتى الآن أرْتَجِفُ
ومرَّ بيْ قائلا :لا تَبْتَئِــسْ أبدا *** بما يُخَرِّفُ مَعْـتوهٌ وَمُنَحـرِفُ
يا سيّدي قلتُ: عهدُ الله يُلزمُني *** منْ كُلّ أخرقَ سبَابٍ سأنتصِفُ
سأكتبُ الشعرَ في الأرحام ِأزْرَعُهُ *** حتى تُحَدِّثَ عَنْ أخباركَ النُطَفُ
     كما أن هجرة الشنقيطي الاختيارية للشمال إبان سنوات تكساس عمقت لديه الشعور بالانهزام أمام الفكر الغربي يبدو ذلك جليا لمن لقيه، وفي لقاء حديث تم التطرق للتنوع الاثني والمذهبي في العالم الاسلامي، فكان رأي العلامة الدكتور أن لا حل إلا اعتماد المواطنة جامعا ومعيارا كما الحال في الغرب، أما تشبثه بالديموقراطية ودفاعه عن مبادئها وحربه لكل من نبذها ورضي الاسلام دينا ولم يبتغ غيره فهو عماد كتاباته، وكأني به يتابع شيخه الترابي الذي تكلف المنافحة عن زندقته رغم الشيخوخة الفكرية والتخريف وتفرق الرفاق، حيث تم بعث وفد إرشادي من التنظيم الدولي لنصح الترابي، فكان الرد صريحا بأن إسلامه غير إسلامهم، فقد أخذ دينه من السوربون، فالشنقيطي أيضا تكساسي الهوى والهوية ... وقد استفاد فوضويته من أستاذه اللبناني في جامعة تكساس؟!!!.. انظروا من أين يأخذونه دينهم ... واعرفوا عن من تأخذون دينكم !!!....
      إن مضمون كلام الشنقيطي قديم لا يحمل جديدا غير عباراته الفجة ... فقد درج على إطلاق فقاعات بالونية كبرى ... لكنها خواء ... لا تلبث أن تنفجر في الهواء ... فمشروعه "ترميم الذاكرة" لم ينجح في ترميم حتى ذاكرته هو، ومشروعه "الفقه السياسي" يحمل كل شيء إلا الفقه والسياسة، تكفي إطلالة عجلى على موقعه الالكتروني لإدراك ذلك، فالشنقيطي إذن عملاق رجلاه من طين ... يحمل مشاريع كبرى لفظا خواء فكرا ومنهجا، قوامها مقالات صحفية من هنا وهناك لا يربطها زمام أو خطام، يحسنها من أتقن فن القص واللصق ، هذه حقيقته ... إنه مجرد كاتب صحفي ومتحدث إعلامي ما في ذلك من شك، أما اعتلاء منابر ترشيد صحوتنا الغراء فما هو له بأهل.
يا نهر صحوتنا رأيتك صافـيا على الضفاف رأيت أزهار التقى
ورأيت حولك جيلنا الحر الذي فتح المدى بوابة وتألقا
قالوا تطرف جيلنا لما سما قدرا وأعطى للبطولة موثقا
ورموه بالإرهاب حين أبى الخنى ومضى على درب الكرامة وارتقى
أو كان إرهابا جهاد نبينا أم كان حقا بالكتاب مصدقا
أتطرف إيماننا بالله في عصر تطرف في الهوى وتزندقا
إن التطرف ما نرى من غفلة ملك العدو بها الزمام وأطبقا
إن التطرف ما نرى من ظالم أودى بأحلام الشعوب وأرهقا

من المخاض إلى الفوضوية
أذكر أني حين نشر الشنقيطي في مجلة العصر 2001 مقاله الشهير بعنوان "مخاض الفكر السلفي" هممت بالتعليق على بعض أفكاره فمنعني إخوة من "الملكيين" و"الفوضويين" حرصا منهم على عدم إشغال الساحة بالردود والردود المضادة وحفظا للصف الاسلامي مما يشوش على لحمته؟!!! .... فأي الفريقين أحق بالفوضوية .... ما لكم كيف تحكمون؟...
     فالشنقيطي منذ مخاضه العسير منذ قرابة العقد حتى فوضويته الحالية هو هو ما تغير ولا تبدل ... ولا تاب ولا أناب ... رغم نصح الناصحين ... لذا فإن تقديمه اليوم بهذه الطريقة خطيئة تستوجب التوبة والإعتذار لمن أحرق ثيابَهم كيرُه ... أو وجدوا منه ريحا خبيثة.
     وكأني بقائل يقول لماذا تخاف النقد وهل من معصوم بعد النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم؟... أليست حاجتنا للتسديد والترشيد أكثر إلحاحا لما تفرضه حقبة العولمة والفضاءات المفتوحة من تحديات وما تتطلبه من جهود وإمكانات؟!!، أليس هذا ما عناه القائمون على الموقع ومَن وراءهم وجندوا له العلامة الدكتور؟!! فهو وهم بهذا لم يسيؤوا ولم يتحاملوا وإنما نصحوا عن حسن قصد وسلامة صدر.
     فأقول لقد فقأتم عين الأرمد بدل أن تسعفوه ... ويا لها من جناية .... صحيح أن التواصي بالحق والصبر طوق نجاة من الخسران، على ذلك أقسم الجبار بالعصر في سورة العصر، ولكن للتواصي والتواصل شروط ... وليس الناصح بالفاضح... وحتى لو افترضنا حسن النية فلن يكون الباطل حقا ولا الخطأ صوابا... فلا القول قول ناصح ... ولا الطريقة طريقة نصح ... ولا المرشد رشيد يحظى بالقبول لدى من قصدتموهم على الاقل ... أما وقت "النصيحة" فقد ذكرني بمن قام يخطب في عزاء مرغبا في الزواج! ... هلا تريثتم قليلا حتى يكمل إخوانكم فرحة العيد أولا لتتخولوهم "بالموعظة" بعد صفاء الذهن وراحة البال؟!! أم أنكم تخشون تـأخير "البيان" عن "وقت الحاجة"؟!!؟
ولمن يجادل في كون المقابلة مسيئة ومتحاملة أقول: المقابلة مسيئة لأنها صنفت اتجاها إسلاميا عريضا يكسب كل يوم أرضا جديدة بين "ملكي" ناصر للظالمين و"فوضوي" ساع في الارض بالفساد، وهو تطرف لم تصل إليه زمرة بوش... كما أن في المقابلة إساءة للدين ولجميع حملته باعتبار السلفية منهجا في التلقي والاستدلال والمرجعية قبل أن تكون حركة دعوية إصلاحية.... كما أن استغلال الظروف الدولية والمحلية في النيل من حركة واتجاه يعتبر القلعة الاخيرة الصامدة في وجه أعداء الاسلام في الداخل والخارج يعتبر منازلة غير شريفة ... وطعنة في الظهرغادرة.
ما زال ينسج كل يوم قصة   ***   تروى وقولا في الدعاة ملفقا
إن التطرف أن يسافر مسلم   ***    في لهوه سفرا طويلا مرهقا
إن التطرف أن نرى من قومنا  ***  من صانع الكفر اللئيم وأبرقا
إن التطرف أن نبادل كافرا   ***  حبا ونمنحه الولاء محققا
إن التطرف أن نذم محمدا  ***  والمقتدين به ونمدح عفلقـا
     لقد كانت المقابلة كذلك مسيئة لقطاع عريض من فقهاء ومحدثي وأوصوليي ملة الاسلام ممن يمكن اعتبارهم سلفية علمية، واتهام صريح لهم بالعمالة للحكومات، وهي إساءة بالغة فيها ظلم وإجحاف، فغالب هؤلاء من العلماء الربانيين حراس الشريعة، وليسوا بالضرورة ضمن تيار حركي، حالهم نفس حال فقهائنا التقليديين ممن لم يقحمهم الكاتب ولم يطلب منهم ما ليس بالامكان....
أما نكران جميل الاتجاه السلفي المقاوم للعدوان والذاب عن حياض الاسلام ووصفه بالفوضوية فهو تجن وحيف وسوء أدب، فمن رفع الراية وقدم النفس والنفيس ومرغ أنوف المحتلين التراب غير هذه الفئة المؤمنة، وهل قرأ الكاتب بتأن خطط واستراتيجيات هؤلاء أم هو الانطباع الشخصي المتسرع لا غير؟!!
بنو مطر يوم اللقاء كأنهم *** أسود لها في بطن خفان أشبل
هم يمنعون الجار حتى كأنما *** لجارهم بين السماكين منزل
لهاميم في الإسلام سادوا ولم يكن *** كأولهم في الجاهلية أول
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا *** أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
وما يستطيع الفاعلون فعالهم *** وإن أحسنوا في النائبات وأجملوا
ثلاث بأمثال الجبال حباهم *** وأحلامهم منها لدى الوزن أثقل
    أما التحامل فيبدو جليا في كون الكاتب يدرك قبل غيره استحالة حشر كل الاتجاهات السلفية في من عناهم "بالملكيين والفوضويين"، فلماذا التجاهل مثلا لاتجاه السلفية الاصلاحية الذي يتقاطع مع تيار الكاتب في رؤى كثيرة.
وأخيرا أخي القارئ العزيز لقد ركزت في هذه العجالة على كشف عوار الفكرة العامة للمقابلة، والتي عليها تدور، فهو ما سمح به الوقت، ودواعي كتابة السطور ما يلي:
§ واجب النصح والترشيد للكاتب ومَن يسوق ويسوغ فكره، فكما أن الكاذب يكذب الكذبة ويكذب ويكذب حتى يخيل إليه أنه صادق، فكذلك الكاتب يكتب الشبهة ويكتب ويكتب حتى يتوهم أنه من الصديقين والشهداء والصالحين ، كما أن المؤمن مرآة أخيه فيه يبصر نفسه فيسدد ويقارب.
فو حق من سمك السماء بقدرة *** والأرض صير للعباد مهادا
إن المصر على الذنوب لهالك *** صدقت قولي أو أردت عنادا
§ دفعني لهذه الكلمات ما أخرجه الترمذي وحسنه عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: "من رد عن عرض أخيه بالغيب، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة" ولأحمد من حديث أسماء بنت يزيد نحوه ... وليس الرد من باب الانتصار لتيار أو تنظيم اسلامي على حساب آخر ... علم الله كم أشتاق لذلك اليوم الذي يكون فيه المسلمون صفا واحدا يرضون بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، يوحدون الله في العبادة ورسوله صلى الله عليه وسلم في الاقتداء والتأسي، يرجعون لخير القرون في الفهم والتلقي... ولكم يعجبني قول العودة في القديم: "والله إني لا أريد نصرة مذهب فقهي على مذهب ولا تيار دعوي على تيار وإنما أنا رجل أعشق الحق ... أطير إليه أنى كان فرحا مسرورا".
§ الامة الآن وهي تواجه هجمة شرسة من أعدائها الخارجيين وخيانة وتمالؤا من المنافقين في أمس الحاجة إلى من يحنُو عليها حُنُو المرضعات على الفطيم ... لا من يذكي أسباب الفرقة وعوامل الشقاق.
§ موضوع آخر يشغل بالي منذ بعض الوقت ... يحتاج جهد كل رجل رشيد ... أستحيي أحيانا من مجرد التفكير فيه ... والآن أبوح به مطأطئا رأسي ... فأقول: إن لم تتداركنا رحمة من الله ثم يقظة من أولي الأحلام والنهى واستمر الاحتراب بين التيارات الاسلامية على هذا النحو فإنهم عما قريب سينشغلون بأنفسهم عن غيرهم كليا وهو ما يسهم فيه أمثال الشنقيطي ... وليست أحداث غزة عنا ببعيد ... فاللهم سلم سلم.
يا رحمة الله حلي في منازلنا *** وجاورينا فدتك النفس من جار
إلا أنه رغم ليل الشدائد ... وما يتشح به الافق من مدلهمات ... فإن البشائر تثلج الصدر بتحقق وعد الله ونصره ... ورحم الله أمينة يوم قالت:
ولكنني رغم هذي الهموم *** ورغم التأرجح وسط العباب
ورغم الطغاة وما يمكرون *** وما عندهم من صنوف العذاب
فإن المعالم تبدي الطريق *** وتكشف ما حوله من ضباب
وألمح أضواء فجر جديد *** يزلزل أركان جمع الضلال
وتوقظ أضواؤه النائمين *** وتنقذ أرواحهم من كلال
وتورق أغصان نبت جديد *** يعم البطاح ندي الظلال
§ قد يخالفني بعض الاحبة في أسلوب الرد ... ويرى ضرورة التأصيل الشرعي لرد أفكار المقابلة ... فأقول: ليس ذلك هدف هذه السطور ... ولا تتسع له... كما أن محتوى المقابلة في مجمله "كلام جرايد" ولا يستدعي التأصيل الشرعي الجاد الذي لا يقيم له الشنقيطي وزنا ... ألا تذكرون المناظرة الالكترونية التي رتب لها الشيخ الدكتور سليمان الخراشي في "ملتقى أهل الحديث" بين الشنقيطي والشيخ عبد الله ولد أربيه وانسحاب الشنقيطي المتسرع وتحججه بذرائع أوهى من بيت العنكبوت، ورغم حشذ الشيخ لكم هائل من الادلة ونسفه لأفكار الشنقيطي في "الخلافات السياسية بين الصحابة" فإنه لم ينجز وعده بالرجوع للحق والتوبة بعد الحوبة.
هون عليك فلن أريدك في وغى ... لتَطاعُن وتناوُش وضراب
كن واقفا في الجيش آخر آخر ... فإن انهزمت مضيت في الهُرَّاب 





هناك تعليق واحد:

  1. Casino Royale - Live Dealer Games - Virgin Games
    Casino Royale is https://vannienailor4166blog.blogspot.com/ a live https://febcasino.com/review/merit-casino/ casino with septcasino a large, eclectic portfolio of 도레미시디 출장샵 casino games. Players can play 1xbet app this game with live dealers,

    ردحذف

كافة الحقوق محفوظة 2013 © مدونة alghasry