من المخاض إلى الفوضوية.. عود على بدء

أتقدم بالشكر الجزيل للإخوة في موقع الأخبار على نشرهم مقالي: "محمد بن المختار الشنقيطي .. من المخاض إلى الفوضوية" وسعة صدورهم لقبول ما فيه من توجيه، وإن ضاق به ذرعا بعض الصغار ... إلا أن مجرد نشر المقال يبقى غيرَ كافٍ ما لم تقدم
الوكالة اعتذارا أو توضيحا حول توقيت ومحتوى المقابلة المسيئة، وهو إجراء مهني تحرص على مثله الجهات الإعلامية التي تحترم رسالتها وتلتزم الحياد.
      كما أقف في هذه العجالة مقيما لبعض ردود الفعل التي أثارها مقالي، محاولا توضيح ما التبس لدى البعض من متسرعي القراء ومجيبا عن ما استشكله البعض أو استفسر عنه خلال الاتصالات والرسائل الالكترونية التي تلقيتها، وأوجز ذلك في الآتي:
1.     أثمن بكل الود والتقدير الاتصالات التي تفضل بها بعض الأحبة ممن لهم صلة بالشنقيطي معتذرين ومؤكدين ضرورة التعالي على مثل ما ورد في المقابلة المسيئة، وأثمن كذلك اعترافهم بأنها تحمل تعميما خاطئا، وعبارات لا تناسب مقام النصح والترشيد، كما أقدر طلبهم بعدم أخذ الجميع بخطإ البعض، وأؤكد هنا أن اتجاه مقالي يقتصر على تحديد مكمن الخطر و الخطل في المقابلة، ويبين مبررات موقفنا من محتواها، وكنا أوردنا في البدء أن المقال ليس سجالا بين تيار وتيار بقدر ما هو توجيه لدرء مفاسد شرعية متيقنة، فمن رجع للمقال يجد تأكيدي على أن: " ما دفعني لهذه الكلمات ما أخرجه الترمذي وحسنه عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: "من رد عن عرض أخيه بالغيب، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة" ولأحمد من حديث أسماء بنت يزيد نحوه ... وليس الرد من باب الانتصار لتيار أو تنظيم إسلامي على حساب آخر ... علم الله كم أشتاق لذلك اليوم الذي يكون فيه المسلمون صفا واحدا يرضون بالله ربا و بالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا".
2.     وجه لي أحد الأحبة اللوم مغضبا: ما بالنا نغضب إذا أسيء لأحدنا، ولا نغضب إذا أسيء لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم... فديتهم بالنفس والنفيس، أين هي ردود طلبة العلم على الشنقيطي شاتم الصحابة؟!!!... وأنا أتقبل هذا اللوم برحابة صدر ... وأقول للمغاضب: حق لك أن تغضب ... فمقام الصحابة عظيم ... والواقع فيهم يوشك أن يقع في نبيهم صلى الله عليه وسلم... وقد تضافرت في توقيرهم والرفع من قدرهم الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة.... لكنك أخي انطلقت من مقدمة غير مسلمة فقد أثار الشنقيطي بنيله منهم زوبعة في المشرق الإسلامي ورد عليه كتاب منهم د. منير الغضبان ود. سليمان الخراشي والشيخ عبد الله الشنقيطي، ويرجع عدم تأثر الساحة الثقافية والدعوية داخليا بالزوبعة لضعف النشر ... وأكرر هنا ما أكدت عليه للمعترض من أنني ما غضبت أصلا ... وإن رأى مقالتي غاضبة فهي غضبة لله – أحسبها- ورد عن أعراض المسلمين.
3.     رأى بعض الإخوة أنه كان يجب التركيز على الكاتب دون تساهل مع التدليل على انحرافاته من خلال كتاباته ... بينما رأى آخرون ضرورة أن يكون المقال عاما باعتبار مقابلة الشنقيطي مجرد حلقة في موسم الافتراء ... ولهؤلاء وأولاء أقول: اقرأوا المقال جيدا فقد حرصت في ختامه على ذكر حدوده ومنهجي فيه... إن المقال ليس كما توهم البعض ردا على الشنقيطي ... بل هو تنبيه إلى خطورة التعاطي مع المخالف بمثل مقابلة الشنقيطي ، الذي تم التعرض له عرضا لتأكيد حقيقة أنه ليس أهلا لترشيد غيره لما يحمل من انحرافات منهجية، عدا عن مستواه العلمي.
4.     جادل البعض في كون الشنقيطي تنقص من الصحابة رغم أن الغالبية لم تجد أدنى شك في ذلك بعد نقلي كلامه عن معاوية ووصفه له بعبارات لا يرضاها أحدنا لنفسه أحرى لصحابي جليل، ومنها: " الخروج على الجماعة .... منازعة الأمر أهله .... سن في الإسلام تلك السنة السيئة .... فتح بها أبوابا من المظالم التي لم تتوقف ... ومن الدماء التي لم تجف .... وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع : كالشورى والبيعة والعدل إلى منطق القوة وقانون الغاب .... أمر لا يزال المسلمون يعيشون مساوئه إلى اليوم... سلوكه السياسي اللاحق ليس مما يمكن التأول له .... الفتنة التي قادها معاوية هدما لأركان الخلافة الراشدة .... توريث السلطة لابنه بالترغيب والترهيب كان أسوأ أثرا"... قولوا لي بربكم هل بعد هذا من إساءة؟!!!...
لكن الإساءة الأكبر كانت في حق جميع الصحابة بالتشويش على عدالتهم وتجريدهم من القدسية بدعوى إلباس هذه القدسية للمبادئ، وهي شبهة مردودة ... فمن علمنا المبادئ غير من رضي الله عنهم ورضوا عنه؟!!!!.
كما ابتدع الشنقيطي مصطلح "التشيع السني" ليحشر فيه كل من سخر قلمه للرد عن عرض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في وجه الرافضة، كالإمام القاضي ابن العربي المالكي رحمه الله... ومن تلبيس إبليس على الشنقيطي وشيخه الغنوشي أنهما يسبان معاوية بزعم انقلابه على الخلافة الراشدة وتحويلها إلى ملك؟!!! وبدل الدعوة إلى هذه الخلافة نجدهما يدعوان إلى الديموقراطية الغربية والتمكين لها في ديار المسلمين... فالأول لم يطرح في كتاباته خيار الخلافة الراشدة (انظر مثلا تصوره للخروج من الأزمة السياسة الأخيرة).... والثاني لا يرى بأسا من تنازل الاسلاميين عن الحكم لصالح الشيوعيين الملحدين إذا انتخبهم الشعب!!!... فهل سيأتي الملحدون بالخلافة الراشدة؟!!! ... أم أنه سيقبل إلحادهم؟!!! ... وهل إلحادهم أحب إليه من حكم معاوية؟!!!!!. أحبتي ... تجشموا قليلا من العناء لقراءة كلام الشنقيطي ... وستدركون فداحة كيل الثناء له وتقديمه للناس "معلمة دعوية وفقهية" وناصحا أمينا.
5.     انتقد بعض الإخوة في المقال مسحته الأدبية وتوظيفه لبعض المحسنات ورأوا أن الأسلوب العلمي المباشر أولى للرد، ومع احترامي لهذا الرأي أجد أن الأسلوب المباشر أكثر إيلاما وأشد وقعا وليس ذلك من هدفي ... بل قصدت إيصال حقيقة مرة لها آثار بالغة السوء على الساحة الإسلامية.
6.     من الطرافة ما تفضل به أحد المعلقين قائلا: بقراءتي مقابلة ومقال الشنقيطي شعرت وكأنني في مستشفى النساء والولادة أو سباق الهجن ... فعلاً أخي مثل هذه العبارات لا تناسب مضمار الذكر والفكر.
7.     قرأت مقالا بعنوان "ملاحظات على "مخَاضِ"سلفي فوضوي" في موقع الأخبار حشاه صاحبه ببذاءات لا حصر لها، وتعمد فيه ما كنا حذرنا من خطورته في مقالنا فصدق فيه المثل الحساني: "نهيته عن السرقة جاب لي أراكن يجرو"، ورغم تكرار القراءة لم أخرج من المقال بفكرة بناءة، ولصاحبه أقول: لا أجادلك في ما نعتني به من النقائص، بل أحمد ربي على ستره ، وأسأله المغفرة ... لكن لا يغير هذا من واقع الأمر شيئا... فالمقابلة مسيئة ... والرجل مخطئ ... والاعتذار واجب ... والتمادي في هذا الغي خطر يهدد كيان الأمة.
- بل إني أشهد الله ثم جميع القراء بأنك في حل من إثم الولوغ في عرضي بجهالة ... فالله يتوب عليك ... أما نيلك من إخوانك فهذا شأنك وشأنهم ... فعند الله تجتمع الخصوم.
- تعريضك بأهل تكانت مردود وتعميمك بشأنهم ظالم ككل تعميماتك... فهم في صنعة الرقية مثل جمع الزوايا ... وفيهم من كل خير خير ... فما علمنا عنهم إلا صفاء في الفطرة ... ونقاء في السريرة ... وغيرة على دين الله إذا انتهكت محارمه ... أخي راجع مقدمة ابن آجروم قبل أن تقول " فأهل تكانت ذوي صنعة وخبرة"!!!...
- ألا تجد تناقضا بين التمتمة والسلفية؟!!... أليست السلفية متهمة بـ"الإنكار" ؟!!...
- لقد كان المال الخليجي ولا يزال وقودا للعمل الإسلامي في كل أنحاء عالمنا الفسيح ... الكل يجمعه باسم السلفية ونشر منهج أهل السنة والجماعة... ويُنفق في بعض الدول على الحملات الانتخابية وشراء الذمم ... وفي أحايين كثيرة يوجه لنشر البدعة والتمكين لها.
- قلت "إن الشنقيطي يحب الصحابة" ... قل لي: في أي أنواع الحب يدخل كلامه عن معاوية؟... لا يحملنك التعصب على اختلاق المعاذير لشاتم الصحابة.
- قلت: "كل الدعاة سلفية وإخوانا و تبليغيين من أبناء الصحوة في موريتانيا كانوا يعيشون تحت سقف واحد تجمعهم أخوة الإسلام وإن اختلفوا في الرأي فإن ذلك لا يفسد للود قضية وما يزال هذا السمت هو الغالب بحمد الله تعالى" ... الحمد لله على ذلك ... وهذا ما سعينا إلى المحافظة عليه بالتنبيه إلى الإساءة وطلب التزام سمت الناصحين فأثار حفيظتك ... أخي اسأل عني الغيث والفتح و الراظي وابن العتيق وابن محفوظ وابن الصبار وغيرهم من رفقاء الطريق فلي معهم ذكريات أيام دراستي المحظرية (محاظر بداه – الجامع الكبير - الفرقان ... )، واسأل الشيوخ عن اللقاء التكريمي الذي أقاموه بمناسبة تفوقي ومنحتي ... إنه الود والحب الذي لا أنساه ... ولكن شتان بين طريقة وطريقة.
- جعلت من نقائصي أني أقيم في الدوحة بشوارعها ومكيفاتها فهل نسيت أن مَن تدافع عنه يقيم فيها أيضا؟!!! ألا وقع هو أيضا في مثل جرمي... فكر مليا....
8.     اطلعت بموقع الأخبار على مقال بعنوان "باب أحمد عن أي سلفية تـــــدافع؟ وعن أيها تتحدث؟" ... وتكفي قراءة العنوان والسطر الأول - " ينتقل من قبيح إلى سيئ ومن سيئ إلى أسوأ ومن أسوأ إلى الأسوأ" - لمعرفة مستوى الكاتب الذي نحا نحوا من سباب سابقه، وأقول له مثل ما قلت لأخيه في الخلق، ولو وجدت غير السباب لكنت به محتفيا، لكن للسبّاب لا أقول إلا سلاما.
- أخي إجابة لسؤالك عن أي سلفية أدافع: أنا أدافع وسأبقى عن كل مسلم ناله ظلم من أقربين أو أبعدين قياما مني بالحق وأداء للواجب ... أما سؤالك عن أيها أتحدث: فأنا لم أتحدث عن سلفية وإنما نهش شيخك في عرض إخوانه فرأيت الرد عن عرض المسلمين بالغيب فريضة.
- قلت : "تقول بعد ذلك إن الشنقيطي سعى في الأرض فسادا لم تصل إليه زمرة بوش"... ارجع إلى مقالي وستجد: "المقابلة مسيئة لأنها صنفت اتجاها إسلاميا عريضا يكسب كل يوم أرضا جديدة بين "ملكي" ناصر للظالمين و"فوضوي" ساع في الأرض بالفساد، وهو تطرف لم تصل إليه زمرة بوش" ... حتى الفاصلة لم تشفع لي أمام استعجالك ... هل سمعت عن علامات الترقيم؟!!!
- أما بالنسبة لاعتراضك على استشهاداتي الشعرية فمردود ... أما قرأت أخي لابن القيم في الداء والدواء مثلا... أما قرأت كتابا في الأدب ... أو في البلاغة والبديع ... أما سمعت عن التضمين والاقتباس ...اعلم أخي أن انتزاع النص – آية كان أو حديثا أو بيتا شعريا – من سياقه ودمجه بإتقان في سياق مغاير هو فن معروف لمن له أدنى اطلاع ... وهو ما ينطبق على إيرادي بيت بشار... أما سمعت أن ابن تيمية كان يدعو بهذين البيتين في سجوده رغم أن المتنبي قالهما مادحا لأحد الملوك:
يا من ألوذ به فيــما أؤمله ** ومن أعوذ به مما أحـــاذره
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ** ولا يهيضون عظما أنت جابره
- تساءلت عن: "ما الفرق بين الإدارة المالية – وأنت تعمل ضمنها كما ذكرت - والسياسية والشرطة والجيش؟!!!" ... إنه لسؤال مضحك حقا ... وشر البلية ما يضحك!!!.. وكان يمكن أن تكتفي بهذا السؤال دون إتباعه بسؤالك: "أليس الكل سواء"؟!!!... وأنا أجيبك: الإدارة المالية فرع من فروع علم الإدارة وهو تخصصي ولم أذكر أنني أعمل ضمنه!!!.. أخي أنا أعمل بمؤسسة مالية إسلامية خاصة وليس ضمن الإدارة المالية؟!!!.
- وإن قدر لك يوما أن تدخل الجامعة فستعرف الفرق بين تخصصي وعملي، كما ستدرك حينها الفرق بين دفع الرسوم الجامعية معجلا كان أو مؤجلا وبين شراء الشهادات الجامعية؟!! ... وأرجو أن تراجع فرع الجامعة التي تخرجتُ منها بمنطقة العزيزية – وأنت بها عليم – لتدرك الفرق بين المراسلة والانتساب والدراسة النظامية.
- أعجبتَني حين نفيت طرد الشنقيطي من جامعة الإيمان دون أن تتجرأ على إنكار سبه للصحابة، أو تبرير ذلك كما فعل سلفك، إلا أن ذلك لا يكفي فأنت تنصره وتنافح عنه رغم فداحة ما اقترف.
- أخي: إن عدتم أنتم بسبابكم فلن نعود، أما إن عاد غيركم بفكر عدنا بإذن الله.
9. حاول كاتبا المقالين السابقين الخروج عن سياق مقالي والانجرار إلى أتون حرب السباب، أو الدخول في صراع تيارات، أو في محاورات أمنية وكأننا أمام وكلاء شرطة سرية، وهي محاولة يائسة تظهر مدى حجم وخطورة المشكلة التي نبهنا إليها وطلبنا التعامل معها بوعي... ولن يكون بإذن الله ما يريدون.
     قال الله تعالي: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) – الأنفال. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كافة الحقوق محفوظة 2013 © مدونة alghasry