تلخيص كتاب/ الفوز
الكبير في أصول التفسير
المؤلف/ الإمام أحمد بن عبد الرحيم المعروف بـ «ولي الله الدهلوي» (المتوفى: 1176هـ) عَرَّبَه من الفارسية/ سلمان الحسيني النَّدوي الناشر: دار الصحوة - القاهرة الطبعة: الثانية - 1407 هـ - 1986 م |
||
مقدمة
إن آلاء الله - تعالى - ونعمة على عبده الضعيف كثيرة لا تحصى، وأجل هذه النعم
توفيقه إياي لفهم كتابه الحكيم، فلقد تلقى الجيل الأول القرآن من النبي صلى الله
عليه وسلم، وتلقى الجيل الثاني من الجيل الأول وهكذا دواليك حتى وصل إلى العبد
الضعيف فنال حظه من تلاوته وفهمه وتدبره.
أما
بعد!.. يقول الفقير إلى الله، ولي الله بن عبد الرحيم: إنه لما فتح الله تعالى علي
بابا من كتابه
الحكيم، خطر لي أن أقيد الفوائد والقواعد النافعة التي تفتح للطلاب طريقاً واسعاً إلى فهم معاني كتاب الله، وإنهم لو قضوا أعمارهم في مطالعة كتب التفسير أو قراءتها على المفسرين ما ظفروا بهذه القواعد والأصول بهذا الضبط والتناسق، وسميتها "بالفوز الكبير في أصول التفسير".
الحكيم، خطر لي أن أقيد الفوائد والقواعد النافعة التي تفتح للطلاب طريقاً واسعاً إلى فهم معاني كتاب الله، وإنهم لو قضوا أعمارهم في مطالعة كتب التفسير أو قراءتها على المفسرين ما ظفروا بهذه القواعد والأصول بهذا الضبط والتناسق، وسميتها "بالفوز الكبير في أصول التفسير".
وقد جمعت مقاصد هذه الرسالة
في خمسة أبواب، وهي:
- الباب الأول: في العلوم
الخمسة التي يدل عليها القرآن الكريم نصاً.
- الباب الثاني: في وجوه خفاء
نظم القرآن بالنسبة إلى أفهام أهل هذا العصر، وتجليتها بأوضح بيان.
- الباب الثالث: في بيان لطائف
نظم القرآن، والأسلوب القرآني البديع.
- الباب الرابع: في مناهج
التفسير، وبيان أسباب الاختلاف ووجوهه في تفسير الصحابة والتابعين.
- الباب الخامس: في بيان غريب
القرآن، وأسباب النزول التي لابد من حفظها للمفسر، ويحظر بدونها الخوض في التفسير.
الباب الأول/ العلوم الخمسة
الأساسية التي يشتمل عليها القرآن
ليعلم أن المعاني التي يشتمل
عليها القرآن لا تخرج عن خمسة علوم:
- علم الأحكام: كالواجب
والمندوب والمباح والمكروه والحرام.
- علم الجدل: المحاجة مع الفرق
الأربع الباطلة، اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين.
- علم التذكير بآلاء الله:
كبيان خلق السموات والأرض.
- علم التذكير بأيام الله: وهو
بيان تلك الوقائع والحوادث كقصص الأنبياء.
- علم التذكير بالموت وما بعد
الموت: كالحشر والنشر والحساب، والجنة والنار.
أسلوب القرآن الكريم في عرض
العلوم القرآنية:
وقد جاءت هذه العلوم في القرآن الكريم على طريقة العرب الأولين، فلم يلتزم في آيات
الأحكام، منه طريق الإيجاز والاختصار، ولا طريق تنقيح الحدود والقيود، وقد التزم
في آيات الجدل والمخاصمة إيراد الأدلة المشهورة المسلمة والبراهين الخطابية، ولم
يراع فيه الانتقال من مقصد إلى آخر، ومن موضوع إلى موضوع آخر، بل ألقى على عباده ما
رآه مهماً، سواء كان مقدماً أو مؤخراً.
حقيقة أسباب النزول:
وقد ربط
عامة المفسرين كل آية من آيات الأحكام وآيات المخاصمة بقصة تروى في سبب نزولها،
والحق أن نزول القرآن الكريم إنما كان لتهذيب النفوس الإنسانية، وإزالة العقائد
الباطلة، والأعمال الفاسدة، فالسبب الحقيقي - إذن - في نزول آيات المخاصمة هو وجود
العقائد الباطلة، وسبب نزول آيات الأحكام إنما هو شيوع المظالم والأعمال الفاسدة،
وسبب نزول آيات التذكير إنما هو عدم تيقظهم لما يرون ويمرون عليه من نعم الله
وأيامه، وحوادث الموت وما بعده، أما الأسباب الخاصة والقصص الجزئية التي تجشم
بيانها المفسرون فليس لها دخل في ذلك إلا في بعض الآيات الكريمة.
الفصل الأول/ في علم الجدل:
لقد كان هذا الجدل والاحتجاج
على طريقين:
1 - الأول أن تذكر العقيدة
الباطلة مع شناعتها وفسادها واستنكارها، فحسب.
2 - الثاني أن تحدد الشبهات
ثم تعرض حلولها وأجوبتها بالأدلة البرهانية أو الخطابية.
مفهوم الحنيفية: وقد
كان المشركون يسمون أنفسهم "حنفاء" ويدعون التدين بملة إبراهيم عليه
السلام، والحنيف هو من ينتمي إلى ملة إبراهيم ويتدين بملته ويلتزم شعائرها.
شعائر الملة الإبراهيمية: وإن شعائر من الملة
الإبراهيمية هي: حج بيت الله الحرام وتعظيمه، واستقباله في الصلوات، وسائر خصال
الفطرة، وتحريم الأشهر الحرم إلخ.
بعض شرائع الملة
الإبراهيمية: وقد كان الوضوء، والصلاة، والصوم، والصدقة على
اليتامى والمساكين، والإعانة على نوائب الحق، وصلة الأرحام، أموراً مشروعة في أصل
ملة إبراهيم عليه السلام ، إلا أن جمهور المشركين تركوها وأصبحت كأن لم تكن شيئاً،
وكان تحريم القتل والسرقة والزنا والربا والغصب ثابتاً معلوماً ولكن كانوا
يرتكبونها وينساقون وراءها.
العقائد الثابتة لدى
المشركين وانحرافهم عنها: وكانت عقيدة إثبات وجود الله - تعالى - وأنه
خالق الأرض والسموات العلى، وأنه قادر مقدر للحوادث العظيمة، قبل وقوعها، وأن
الملائكة عباد الله المقربون، كل ذلك كان ثابتاً عندهم، ولكن جمهور المشركين وقعوا
في شبهات كثيرة تجاه هذه المعتقدات، وقد كان ضلالهم في الشرك والتشبيه والتحريف،
وجحود الآخرة، واستبعاد رسالة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - وشيوع الأعمال
القبيحة والمظالم.
الجدل القرآني مع المشتركين:
لقد رد الله - تعالى - على
المشركين ومعتقداتهم الباطلة بشتى الطرق، وبيانها كما يلي:
1. مطالبتهم بالدليل على ما
يزعمون، ونقض تمسكهم بتقليد آبائهم.
2. إثبات أن لا تساوي بين الرب
والعباد وأن الرب تعالى مختص باستحقاق العبادة.
3. بيان إجماع الأنبياء
والمرسلين على هذه الحقيقة الكبرى.
4. بيان شناعة عبادة الأصنام.
الرد على استبعاد
القيامة: وكان الرد على استبعاد البعث والحشر والنشر
بوجوه عديدة:
1. بالقياس على إحياء الأرض بعد
موتها، وأمثال ذلك.
2. بيان شمول القدرة الإلهية،
وإمكان الإعادة بعد البدء بل يسرها وسهولتها.
3. ببيان موافقة أهل الكتب
السماوية كلهم في الإخبار بالقيامة، واعتقادها.
الرد على منكري الرسالة: وكان الرد على المنكرين
للرسالة بالوجوه التالية:
1. الرد على استبعاد الرسالة
واستغراب نزول الوحي على بشر.
2. وقوع الرسالة وتحققها
للأنبياء الماضين.
3. بيان أن عدم ظهور المعجزات
التي يقترحونها ينبني على المصالح الكلية التي يقصر علمهم عن إدراكها.
وبما أن أكثر الناس الذين
بعث إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا مشركين تكررت هذه المعاني في القرآن
الكريم بأساليب متعددة وفي سور كثيرة، وبتأكيدات بالغة.
الجدل القرآني مع اليهود: لقد كان اليهود يؤمنون
بالتوراة، لكنهم حرفوها لفظياً ومعنوياً، وكتموا بعضها، وزادوا ونقصوا:
- التحريف اللفظي: وقد كان
تحريفهم اللفظي في ترجمة التوراة وهو قول ابن عباس.
- التحريف المعنوي: عبارة عن
التأويلات الفاسدة وحمل الآيات على غير معانيها، ومنه: أنهم يظنون أن كل من كان
يهودياً أو عبريا فهو من أهل الجنة، ولابد أن تناله شفاعة الأنبياء وتخلصه من
العذاب، وأنه لا يمكث في النار إلا أياماً معدودات، ومنه أن التشريف يدور على اسم
اليهودي والعبري والإسرائيلي.
- كتمان الآيات: كانوا يخفون
بعض الأحكام والآيات من التوراة لحفظ منزلة كبرائهم، حتى لا يذهب اعتقاد الناس
فيهم، كحكم رجم الزاني، وكالآيات التي ذكرت فيها بشارة هاجر وإسماعيل - عليهما
السلام - بأنه سوف يولد في أعقابهم من يبعثه الله نبياً ورسولاً، والآيات التي
تحمل إشارات واضحة إلى دين يظهر ويبلغ كماله في أرض الحجاز.
- الإلحاق والافتراء: وأما
الإلحاق والافتراء على الله - تعالى - ونسبة ما يكتبونه إلى الله تعالى وإلى
التوراة، فيرجع سببه إلى أن أحبارهم ورهبانهم تعمقوا وتشددوا في الدين.
الجدل القرآني مع النصارى:
لقد كان النصارى
يؤمنون بعيسى عليه السلام، ولكن كان ضلالهم في تقسيمهم الرب تبارك وتعالى إلى
ثلاثة أجزاء، وكانوا يسمونها "الأقانيم الثلاثة": الأب ، والابن، وروح
القدس.
ومن
ضلالات النصارى في معتقداتهم أنهم يؤمنون بقتل عيسى صلباً مع أن الواقع خلاف ذلك،
وقد بين القرآن العظيم بشارة عيسى - عليه السلام - بنبيا محمد - صلى الله عليه
وسلم.
الجدل القرآني مع
المنافقين:
المنافقون صنفان: طائفة منهم
تشهد بلسانها بلا إله إلا الله، محمد رسول الله، ولكن قلوبها كانت مطمئنة إلى
الكفر والجحود، وطائفة أخرى ممن دخلوا في الإسلام مع قلة إيمان به.
وكان الانسياق وراء اللذات الدنيوية قد ملك قلوبهم بحيث لم يذر مكاناً لحب الله
تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، أو استولى عليهم الحرص وحب المال، والحسد
والضغينة وما إلى ذلك من رذائل الأخلاق والعادات بحيث لم تعد في قلوبهم بشاشة
الإيمان وحلاوة الدعاء والابتهال وبركات العبادات.
والنفاق الاعتقادي: لا يطلع عليه بعد سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ
إنه من الأمور المغيبة، ولا اطلاع لأحد على مكنونات القلب ومغيباته، وأما النفاق
العملي فإنه كثير الوقوع لا سيما في عصرنا هذا، وإلى هذا النفاق وقعت الإشارة في
الحديث: "ثلاث من كن فيه كان منافقاً خالصاً: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف،
وإذا خاصم فجر".
كشف القرآن عن أحوال
المنافقين: وقد كشف الله في القرآن الحكيم عن أعمال هؤلاء
المنافقين وأخلاقهم، وبينها أتم بيان، وأكثر من ذكر أحوال الطائفتين من المنافقين
حتى تكون الأمة على حذر منها وتجتنبها كل الاجتناب.
نفاق المناطقة والفلاسفة: كذلك طائفة المناطقة
والفلاسفة الذين بذرت في قلوبهم بذور الشكوك وتمكنت منهم كثير من الشبهات، ونسوا
الدار الآخرة، هم من المنافقين دون شك.
القرآن كتاب كل عصر:
لا ينبغي أن يظن عند تلاوة
القرآن الكريم أن جداله ومحاجته كانا مع أناس قد انتهوا وانقضوا، كلا، بل إنه بحكم
ما جاء في الحديث: "لتتبعن سنن من كان قبلكم إلخ"، وليس من فتنة كانت في
عهد الرسالة إلا ولها نماذج وأمثلة في عصرنا هذا، ولذلك فالمطلوب هو بيان كليات
هذه المقاصد والمعاني لا خصوص الحوادث والتفصيلات الجزئية.
الفصل الثاني/ في بقية
العلوم الخمسة
وضوح القرآن الكريم في بيان
الصفات:
من
المعلوم أن نزول القرآن الكريم إنما كان لإصلاح النفوس البشرية، ولذلك اقتضت
الحكمة الإلهية أن لا يخاطب الناس في "التذكير بآلاء الله" إلا بما تسعه
معلوماتهم، وتحيط به مداركهم، فقد تعرض القرآن الكريم للأسماء والصفات الإلهية
بطريقة واضحة سهلة، يدركها جميع أفراد البشر بفطرتهم دون حاجة الفلسفة أو علم
الكلام.
ثم
لما كان إثبات الصفات الإلهية بذكر كنهها وحقائقها ودقيق مسائلها مستحيلاً في
حقهم، وكان تركهم من دون إطلاع على هذه الصفات الإلهية يحرمهم من معرفة الربوبية
كان من حكمة الله أن يختار من الصفات البشرية التي نعهدها ونشاهدها ونتمادح بها
ونفتخر بالتحلي بها، صفات كريمة عديدة تستعمل لأداء معان غامضة دقيقة لا تبلغ
جلالها وعظمتها عقول البشر، ثم يجعل قوله الفصل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}
ترياقاً لداء الجهل العضال، وعلاجاً لقلة البصر والإدراك، ونهى عن استعمال تلك
الصفات البشرية التي يخشى منها جموح الأوهام والظنون نحو العقائد الباطلة.
أسلوب القرآن في بيان آلاء
الله والتذكير بأيامه:
ولم يتعرض القرآن العظيم من آلاء الله - تعالى - وآيات قدرته العجيبة إلا لما
يستوى في إدراكه الحضري والبدوي والعربي والعجمي، لأجل ذلك لم يذكر النعم
الروحانية الخاصة التي ينعم بها على عباده الأنبياء والأولياء والعلماء الصالحين
بصفة خاصة (من مراتب الكمالات ومدارج التقرب ومنازل التقوى) ولم يذكر الملاذ
والنعم التي تحصل بل ذكر ما كان أنسب ذكره: من خلق السموات والأرض، وإنزال المطر
من السحاب، وتفجير الينابيع بالماء.
أما "أيام الله" وهي تلك الواقائع التي أوجدها الله تعالى إنعاماً على
المطيعين وانتقاماً من العصاة المجرمين فقد اختار منها أيضاً ما قرعت أسماعهم من
قبل، مثل قصص قوم نوح وعاد وثمود، التي كان العرب يسمعونها ويتداولونها فيما بينهم
كابراً عن كابر، ولم يتعرض القرآن الكريم للقصص الغريبة للفرس والهنود كما أنه لم
يذكر من القصص المشهورة إلا الأجزاء الضرورية التي تنفع في الموعظة، ولم يستقص
جميع التفاصيل التي تشمل عليها القصص.
وحكمة هذا الأسلوب القرآني: أن العامة من الناس
عندما يسمعون حكاية غريبة أو قصة كاملة بجميع فصولها، فإن طباعهم تميل إلى نفس
القصة ويفوت الغرض الأساس من بيان القصة الذي يهدف إليه القرآن الكريم.
غرض القصة في القرآن:
وليس الغرض من سرد هذه القصص في القرآن الكريم الاطلاع فحسب بل الغرض الأساس هو أن
ينقل ذهن القارئ والسامع إلى شناعة الشرك والمعاصي، ومعاقبة الله عليها، والإيمان
بنصر الله تعالى وتأييده وظهور ألطافه وأفضاله في حق عباده المخلصين.
التذكير بالموت وما بعده أو
التذكير بالآخرة:
والمراد بالتذكير بالموت وما بعده أو التذكير بالآخرة عرض كيفية الإنسان عند موته،
وعجزه واستكانته في تلك الساعة الحرجة العصيبة، وعرض الجنة والنار عليه بعد الموت
وظهور ملائكة العذاب لعينيه، وأشراط القيامة، ودخول المؤمنين الجنة وحشر الكفار في
النار، وبيان أنواع النعم والملذات من حور وقصور وجنات وأنهار، كل هذا مما قد قصه
القرآن الكريم تارة بالإجمال وأخرى بالتفصيل.
القاعدة الكلية في مبحث
الأحكام:
والقاعدة الكلية في مبحث الأحكام والحلال والحرام أن سيدنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان قد بعث بالملة الإبراهيمية الحنيفية، فكان من اللازم أن يبقى على
شرائع تلك الملة، ولا يحدث أي تغيير في أمهات أحكامها وأصول مسائلها اللهم إلا
تخصيصاً لعموماتها وزيادة للتوقيتات والتجديدات فيها وأمثال ذلك من الأمور، ثم إن
الله تعالى أراد أن يزكي نفوس العرب بنبينا محمد ويزكي نفوس سائر العالم بأيدي
العرب الأولين، فلزم أن تكون مادة شريعته تدور على عادات العرب وتقاليدهم.
الأسباب والمصالح المرعية في
الأحكام:
وإذ تأملت مجموع شرائع الملة الحنيفية وأحكامها ولاحظت عادات العرب ورسومهم
وتقاليدهم، وتشريعات الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم التي هي بمنزلة المصلح
والمهذب لها تدرك لكل حكم من أحكامها سبباً من الأسباب، وتتوصل في كل أمر ونهي من
أوامرها ونواهيها إلى مصلحة مرعية من المصالح، وتفصيل ذلك يطول.
دور التشريعات الإسلامية في
إصلاح الملة الحنيفية المحرفة:
وبالجملة فإن العبادات من الطهارة والصلاة والصوم والزكاة والحج والأذكار كانت قد
تعرضت للإهمال والتساهل العظيم في أدائها والقيام بها، وكانت في الحياة الاجتماعية
كثير من التقاليد الجائرة وعوامل البغي والعدوان وكذا كان شأن الحكم والسياسة من
الاختلال والفوضى، فضبط القرآن العظيم أصول هذه القضايا، وحدد لها حدوداً وشرع لها
تشريعات خاصة.
الباب 2/ بيان وجوه دقة
وخفاء نظم القرآن بالنسبة لأهل هذا الزمان، وإزالتهما بأوضح بيان:
نزول القرآن عربياً مبيناً:
نزل القرآن العظيم في لغة العرب الأقحاح، اللغة المبينة الواضحة، وفهمه العرب
بسليقتهم اللغوية، وكان من مرمى الشارع الحكيم عدم الخوض في تأويل المتشابهات
القرآنية وتصوير حقائق الصفات الإلهية، ولذلك قل سؤال الصحابة رضي الله عنهم
للرسول صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك.
الحاجة إلى البحث في اللغة
والنحو:
ولكن لما مضت تلك الطبقة الأولى وداخل العرب العجم، واستعصى فهم المطالب والمعاني
في بعض المواضع، ومست الحاجة إلى التفتيش والبحث في اللغة والنحو، وصنفت كتب
التفسير لزم أن تستحضر هذه المواضع الصعبة، وتبين نماذجها وأمثلتها حتى لا يحتاج
عند الخوض فيها إلى بيان مزيد ولا يضطر إلى المبالغة في الكشف عنها.
أسباب صعوبة فهم المراد من
الكلام:
1. صعوبة التوصل إلى فهم المراد
من الكلام لاستعمال لفظة غريبة.
2. قلة الإطلاع على الناسخ
والمنسوخ.
3. الغفلة عن أسباب النزول.
4. التقديم والتأخير وانتشار
الضمائر أو تعدد المراد عن اللفظة الواحدة.
5. الحذف والإبدال وغيره من
الأساليب العربية.
6. بسبب التكرار والإطناب
وأحياناً لأجل الاختصار والإيجاز، والمجاز العقلي.
الفصل الأول/ في بحث غريب
القرآن:
أفضل الشروح لغريب القرآن:
1. ما أثر وصح عن ترجمان القرآن
عبد الله بن عباس رضي الله عنه عن طريق ابن أبي طلحة، وما روي عنه من طريق الضحاك،
وأجوبته عن سؤالات نافع بن الأزرق.
2. شرح الغريب الذي نقله الإمام
البخاري عن أئمة التفسير، ويليه الشرح للغريب الذي روى عن سائر الصحابة والتابعين وأتباعهم.
الفصل الثاني/ في مبحث
الناسخ والمنسوخ:
من
المباحث التي يكثر الاختلاف فيها: معرفة الناسح والمنسوخ، لاختلاف الاصطلاح بين
المتقدمين والمتأخرين، والذي يتضح لنا باستقراء كلام الصحابة والتابعين أنهم كانوا
يستعملون "النسخ" بمعناه اللغوي المعروف الذي هو إزالة شيء، سواء كان
ذلك بياناً لانتهاء مدة العمل بآية من الآيات، أو صرف الكلام عن المعنى المتبادر
إلى غير المتبادر، أو بيان أن القيد اتفاق وليس احترازياً، أو تخصيصاً للعموم، أما
المنسوخ حسب اصطلاح الأصوليين المتأخرين فإنه لا يتجاوز العدد القليل.
الفصل الثالث في/ أسباب
النزول:
صعوبة موضوع أسباب النزول: من استقراء كلام الصحابة
والتابعين رضي الله عنهم فإنهم لا يقولون "نزلت في كذا" لمجرد بيان
الحدث الذي وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان سبباً لنزول تلك الآية، بل
يستعملون هذا التعبير أحياناً لبيان ما تنطبق عليه الآية وتصدق عليه حتى لو كان
بعد عهد النبيصلى الله عليه وسلم.
ويورد المحدثون في هذا الباب أشياء كثيرة ضمن الآيات القرآنية لا علاقة لها بأسباب
النزول مثل: استشهاد الصحابة رضي الله عنهم بآية من الآيات القرآنية في مناظراتهم،
أو تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم آية من الآيات للاستشهاد على كلامه، أو رواية
حديث يوافق الآية في أصل غرضها وفحواها أو في تعيين موضع نزولها، وكل هذا في
الحقيقة ليس من أسباب النزول في شيء، وليس من شروط المفسر استيعابه والإحاطة به.
شروط المفسر في باب أسباب
النزول:
إنما يشترط على المفسر في هذا الباب معرفة شيئين:
1 - معرفة القصص التي تتضمن الآيات الكريمة التعريض بها.
2 - معرفة القصص التي تفيد التخصيص للعام وأمثال ذلك.
إنما يشترط على المفسر في هذا الباب معرفة شيئين:
1 - معرفة القصص التي تتضمن الآيات الكريمة التعريض بها.
2 - معرفة القصص التي تفيد التخصيص للعام وأمثال ذلك.
فن التوجيه:
ويراد بالتوجيه بيان وجه الكلام ومعناه، إذ قد تقع في الآية شبهة ظاهرة، أو تناقض
وتعارض في مفهود الآية، أو يصعب فهم مدلولها، أو لا تتمكن من ذهنه فائدة قيد
القيود، وحل هذه الإشكالات يعتبر "توجيهاً".
الفصل الرابع/ في بقية مباحث
هذا الباب:
وهو يشتمل على حذف بعض الأجزاء أو أدوات الكلام التي يسبب الخفاء والإشكال، وكذلك
إبدال شيء، وتقديم ما حقه التأخير وتأخير ما حقه التقديم، واستعمال المتشابهات
والتعريضات والكنايات، وتصوير المعنى المراد بالصورة المحسوسة التي تكون من لوازم
ذلك المعنى عادة، وهو ما يسمى بالاستعارة المكنية والمجاز العقلي.
الفصل الخامس/ في المحكم
والمتشابه والكناية والتعريض والمجاز العقلي:
تعريف المحكم: المحكم هو ما لا يدرك منه
أهل اللغة إلا معنى واحداً، والمعتبر هو إدراك العرب الأولين لا إدراك المتفلسفين
في عصرنا الذين يشقون الشعرة، فإن شق الشعرة في غير محلها داء عضال يجعل
"المحكم" "متشابها" والمعلوم مجهولا.
تعريف المتشابه: هو ما احتمل معنيين
إما لسبب احتمال رجوع الضمير إلى مرجعين، أو لاشتراك الكلمة في معنيين، أو لاجتماع
العطف على القريب والبعيد.
الباب الثالث/ في أسلوب
القرآن البديع:
الفصل الأول: في ترتيب
القرآن الكريم وأسلوب السور فيه:
لم
ينزل القرآن الكريم على منهج المتون المبوبة والمفصلة، بل نزل القرآن الكريم
كمجموعة الرسائل التي يوجهها الملوك والسلاطين إلى رعاياهم حسب مقتضيات الأحوال
ومتطلبات الظروف، فيها تجتمع نماذج كثيرة من هذه التوجيهات، فيقوم شخص بتدوينها
وجمعها، وهكذا أنزله الله على نبيه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لهداية عباده
وإرشادهم حسب مقتضيات الأحوال والظروف سورة بعد سورة، وقد كانت كل سورة من هذه
السور في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - محفوظة مضبوطة مكتوبة، ثم دونت وجمعت
هذه السور كلها في مجلد واحد بترتيب خاص في عهد أبي بكر وثمان رضي الله عنهما وسمي
هذا المجموع بالمصحف.
وقد كانت هذه السور مقسومة
عند الصحابة إلى أربعة أقسام:
1. الأول السبع الطوال.
2. الثاني المئين، وهي السور
التي تشتمل كل واحدة منها حدود مائة آية.
3. الثالث: المثاني: وهي ما تقل
آياتها عن المائة.
4. الرابع: المفصل.
وقد أدخلت سورتان أو ثلاثة
هي من عداد المثاني في المئين نظراً إلى المناسبة في سياقها بسياق المئين، وهكذا
جرى بعض التصرف في بعض الأقسام الأخرى.
أسلوب خواتم السور:
وكما أن السلاطين يختمون
رسائلهم بجوامع الكلم ونوادر الوصايا على التمسك بالأوامر المذكورة، والتهديد لكل
من يخالفها ويخرج عنها، كذلك الله - تبارك وتعالى - ختم أواخر السور
بجوامع الكلم ومنابع الحكم، والتأكيد البليغ والتهديد العظيم.
الفصل الثاني/ في تقسيم السور إلى الآيات
وأسلوبها الفريد:
بين الآيات والأبيات: لقد جرت سنة الله
تعالى في السور القرآنية بتقسيمها إلى الآيات كما أن القصائد تقسم إلى الأبيات،
ومعلوم أن هناك فرقا بين الآيات والأبيات، ثم إن الآيات والأبيات كل واحدة منهما
من قبيل النشيد، الذي يقال وينشد لالتذاذ نفس المتكلم والسامع ومتعتهما الفنية،
إلا أن الأبيات الشعرية تكون مقيدة بالعروض والقوافي، أما الآيات فإن بناءها على
الوزن والقافية الإجمالية التي تشبه الحقيقة الطبيعية لا على تفاعيل العروضيين.
والفطرة السليمة تدرك في القصائد الموزونة المقفاة والأراجيز الجميلة الرائقة
وأمثال ذلك متعة خاصة، وتتذوق حلاوة وعذوبة، وإذا تأملت في سبب هذا الإدراك وبحثت
عن السر وراء هذا التذوق تجد أن الكلام إذا كانت أجزاؤه يوافق بعضها بعضا فإنه
ينشئ في نفس المخاطب لذة خاصة ويدعوه إلى انتظار مثله والشوق إليه.
فواصل الآيات القرآنية: اعتبر في الفواصل
انقطاع النفس بالمدة، أو ما تستقر المدة عليه، لا قواعد فن القافية، فدخول النفس
في الحلقوم وخروجه منه أمر طبيعي في الإنسان وتمديد النفس وتقصيره مما هو في قدرة
الإنسان، ولكنه إذا تركه على سجيته وفطرته من دون تمديد وتمطيط أو تقصير، فإن له
امتداداً خاصاً، والإنسان عندما يبدأ يتنفس، يجد الخفة والسرور والنشاط ثم ينقطع
النفس شيئاً فشيئاً حتى ينقطع كلياً، ويضطر الإنسان إلى أخذ نفس جديد، وهذا
الامتداد الخاص للنفس الإنساني لا يمكن أن يحد بحد معين معلوم، فهو مختلف مضطرب
بين أفراد البشر، كما يسمح فيه باختلاف عدد الأوتار والأسباب، وتقديم بعض الأركان
على بعض كذلك، وعلى كل فإن الله - سبحانه وتعالى - قد اعتبر هذا الامتداد للنفس
(في حده المشترك الوسط) هو الوزن في كتابه الكريم، وقسمه ثلاثة أقسام:
الطويل – المتوسط - القصير.
** الآيات ذات القوائم
الثلاث: تكون الآية أحيانا ذات قوائم ثلاث، مثل قوله تعالى:
{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ
اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} إلخ الآية، {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ}
إلخ الآية، وعامة القراء يجمعون الأولى مع الثانية ويعدونها آية طويلة.
** الآية ذات الفاصلتين:
وأحيانا ترد في الآية الواحدة فاصلتان مثل ما يرد ذلك في البيت:
كالزهر في ترف والبدر في شرف
*** والبحر في كرم والدهر في همم
** السر في قصر آية مع طول
أخرى:
وقد تأتي آية طويلة مع آية
قصيرة، والسر في مثل هذه المواضع أنه لو وضع حسن الكلام وجمال التعبير الذي نشأ من
تقارب الوزن ووجدان الأمر المنتظر المطلوب الذي هو القافية في كفة، ووضع حسن
الكلام وعذوبة العبارة الناشئة من سهولة الأداء وسلاسته وموافقة طبع الكلام، وعدم
لحوق أي تغير فيه في كفة أخرى، فإن الفطرة السليمة سوف تميل إلى جانب المعنى
وترجحه.
الفصل الثالث/ في ظاهرة
التكرار في القرآن الكريم:
إفادة السامع على قسمين:
لو سألنا: لماذا تكررت مطالب
العلوم الخمسة ومباحثها في القرآن العظيم؟ ولِمَ لم يكتف ببيانها في موضع واحد؟
قلنا: إن ما نريد أن نعرضه على السامع ونفهمه ينقسم عادة إلى قسمين:
1 - هو ما لا يكون القصد منه
إلا تعليم ما لا يعلم السامع وتلقينه، فيكون المخاطب لا يدري حكما من الأحكام، ولم
يدركه عقله وفكره، فأنت تفيده ذلك الحكم.
2 - أن يكون الغرض هو
استحضار صورة العلم في قوته المدركة حتى يجد لها لذة موفورة، وتفني جميع قواه
القلبية والعقلية في ذلك المعلوم، وتنصبغ به جميع قواه الفكرية والعملية.
وإن القرآن العظيم بالنسبة إلى كل واحد من مباحث العلوم الخمسة، أراد إفادة
القسمين المذكورين، فأراد تعليم ما لا يعلم بالنسبة إلى الجاهل، وأراد انصباغ
النفوس بصبغة هذه العلومات بتكرارها وتردادها بالنسبة إلى العالم، اللهم إلا أكثر
مباحث الأحكام التي لم يقع فيها هذا التكرار إذ أن إفادة القسم الثاني لم تكن
مطلوبة فيها، ولأجل ذلك أمرنا بتكرار التلاوة والإكثار منها، ولم يكتف بمجرد الفهم
والإدراك.
تنوع الأساليب مع التكرار في
المطالب:
إن المطالب التي تكررت جاءت كل مرة بعبارة طرية جديدة وأسلوب جديد حتى يكون له وقع
أكثر في النفوس وأمتع للأذهان والعقول، فلو كان التكرار مع اتحاد الألفاظ
والعبارات لكان شيئاً من حقه أن يكرر ويردد فحسب، ولكنه مع اختلاف التعابير وتنوع
الأساليب مدعاة للتفكير وخوض العقل واستجماع الخاطر.
الفصل الرابع/ في ترتيب
مباحث القرآن الكريم:
حكمة الدعوة والعرض:
لو أثار أحد السؤال: لماذا لم يراع الترتيب في بيان مباحث القرآن العظيم؟ ولماذا
نثرت هكذا نثراً؟.. فلماذا لم يبدأ - مثلا - ببيان آلاء الله تعالى حتى إذا
استوفاها حقها، شرع في بيان أيام الله فإذا أتمها وأكملها بدأ بالجدل مع الكفار
وغيرهم؟..
فنقول: إن قدرة الله تعالى وإن كانت محيطة بجميع الممكنات، ولكن القول الفصل في
هذا الباب إنما هو لحكمة هي موافقة المبعوث إليهم في اللسان وأسلوب البيان، وإلى
هذا المعنى جاءت الإشارة في قوله تعالى: {لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ
أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} إلخ الآية، ولم يكن لدى العرب إلى حين نزول القرآن
الحكيم كتاب، لا كتاب إلهي ولا كتاب بشري، وإن الترتيب الذي اخترعه المؤلفون
والمصنفون المتأخرون لم يكن يعرفه العرب الأولون، فلو جاء الكلام على غير ما كانوا
يعهدونه من طرائق البيان، لوقعوا في الحيرة، وشوش عقولهم وأقلق خاطرهم.
الفصل الخامس/ في وجوه
الإعجاز في القرآن الكريم:
كثرة وجوه الإعجاز في القرآن
الكريم:
لو
سألنا: ما هو وجه الإعجاز في القرآن الكريم؟ نقول الذي تحقق عندنا أن وجوه الإعجاز
في القرآن كثيرة، منها الأسلوب المعجز البديع، ومنها إعجاز إخبار القرآن الكريم عن
القصص الماضية وأحكام الشرائع السابقة على وجه يصدق الكتب السابقة ويهيمن عليها،
ومنها إخباره عن الأوضاع والأحداث الآتية، مع بلوغه الذروة السامقة من البلاغة
التي تعلو على قدرة البشر وتخرج عن طوقه، ونحن إذ نشأنا بعد العرب الأولين لا
نستطيع أن نصل إلى كنه هذه البلاغة وحقيقتها، إلا أن القدر الذي نعلمه هو أن
استعمال الكلمات والتراكيب العذبة الجزلة التي وردت في القرآن الكريم، بما تمتاز
به من لطف وجمال وعدم كلفة وصنعة، لا نجد شيئاً منها في أي قصيدة من قصائد
المتقدمين والمتأخرين.
وإذا
تعسر على أحد إدراك ذلك، فعليه أن يتأمل في أساليب قصص الأنبياء والمرسلين في سورة
الأعراف وسورة هود وسورة الشعراء، ثم ليرجع إلى هذه القصص في سورة الصافات ثم
ليقرأ هذه القصص نفسها في سورة الذاريات يتجلى له الفرق كوضح النهار، ومن وجوه
الإعجاز القرآني ما لا يتيسر فهمه إلا للمتدبرين المتأملين في أسرار الشرائع
ودقائقها.
الباب الرابع/ في بيان فنون
التفسير وحل الخلافات الواقعة في تفاسير الصحابة والتابعين:
الفصل الأول/ في أصناف
المفسرين ومناهج تفسيرهم:
ليعلم أن المفسرين ينقسمون
إلى عدة أصناف:
1. تفسير المحدثين: قصدوا إلى رواية
الآثار المتعلقة بالآيات الكريمة.
2. تفسير المتكلمين: تناولوا
آيات الصفات وأسماء الله تعالى بالتأويل.
3. تفسير الفقهاء والأصولين:
صرفوا عنايتهم إلى استنباط الأحكام الفقهية.
4. تفسير النحاة واللغويين:
اشتغلوا ببيان لغة القرآن وإعرابه.
5. تفسير الأدباء: توجهوا إلى
إشباع الكلام في اللطائف والنكات من المعاني والبيان.
6. تفسير القراء الماهرين:
واهتم بعضهم برواية القراءات المأثورة.
7. تفسير الصوفية المتنسكين:
اعتنوا ببيان لطائف علم السلوك وعلم الحقائق.
وبالجملة فإنه مجال واسع،
وقصد كل مسلم يتعلق بتفهيم معاني القرآن الكريم ومطالبه.
الفصل الثاني/ في بيان
الآثار المروية في تفاسير أصحاب الحديث من المفسرين وما يتعلق بها من مهمات:
قسمان من أسباب النزول:
1 - الأول أن يقع حادث يمحص
به إيمان المؤمنين ونفاق المنافقين، كما وقع في غزوتي أحد والأحزاب، وينزل الله
تعالى ما يمدح المؤمنين ويذم المنافقين، ليكون خطاً فاصلا وفارقا مميزاً بين
الفريقين.
2 - الثاني أن يكون معنى
الآية مستقلا تماماً بعموم صيغتها.
الفصل الثالث/ في بقية لطائف
هذا الباب:
التوجيه: ومن فنون التوجيه وأنواعه:
1. تقريب ما يصعب فهمه ويبعد عن
الذهن لعدم الإلف والعادة.
2. دفع التعارض بين دليلين أو
تعريضين أو بين المعقول والمنقول.
3. التفريق بين الملتبسين.
4. التطبيق بين المختلفين.
5. بيان صدق الوعد الذي وردت به
الآية.
6. بيان كيفية عمل النبي - صلى
الله عليه وسلم - وهيئته.
الفصل الرابع/ في غرائب
القرآن الكريم:
تنوع غرائب القرآن: إن غرائب
القرآن الكريم (أي السور والآيات التي ورد فيها فضل خاص) تنقسم أقساما:
- غرائب التذكير بآلاء الله -
تعالى -.
- غرائب التذكير بأيام الله.
- غرائب التذكير بالموت وما
بعده.
- غرائب الأحكام.
- غرائب الجدل القرآني.
- غرائب أخرى: قد تكون الغرائب
أحيانا من الوجهة البلاغية وجمال الأسلوب.
الفصل الخامس/ في ظهر القرآن
وبطنه:
ورد في الحديث الشريف "أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن،
ولكل حد مطلع"، فينبغي أن يعلم أن ظهر هذه العلوم الخمسة هو ما يسمى بمدلول
الكلام ومنطوقه، أما بطنه في باب التذكير بآلاء الله: فهو التفكير والتأمل في آلاء
الله ونعمه وآيات قدرته، وبطن آيات الأحكام: استنباط الأحكام الخفية الدقيقة
بالفحاوى والإيماءات، وبطن الجدل القرآني مع الفرق الضالة الباطلة: الإطلاع على
حقيقة تلك القبائح والفظائع التي وصفوا بها، وإلحاق نظائرها وأشباهها بها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق