وليس الذكر كالأنثى

إن كانت المرأة مساوية للرجل في أصل الخلقة وفي أغلب التكاليف وفي الحقوق، إلا أن لها خصوصيتها ولها مجالها، ولا ينكر هذا إلا مماحك.
       إن جعل المرأة رجلا هو انتكاس في الفطرة وجهل بحقيقة الخلقة، ولن يؤدي إلا إلى مزيد من الارتباك
في حركة المجتمع، وإلى اختلال موازين الحياة، وقد استطاعت المرأة المسلمة أن تقوم بدورها في الإسهام الحضاري دون أن تفرط في وظيفتها الأصيلة، أو تطالب بالمساواة مع الرجل.
      ولأن دور المرأة ومركزها في المجتع من المسائل التي ثار حولها الجدل في عصرنا الحاضر، فقد أردت أن أخط حولها هذه التهميشات التي أرجو من خلالها أن تنير الطريق لمن خطفت أبصارهم وعود المساواة الزائفة وشعارات التحرر الخادعة.
       إن الفروق الجوهرية بين المرأة والرجل والتسليم بها من عدمه هي حجر الزاوية في قصة تحرير المرأة، ومع أنها لا تحتاج إلى بيان، إلا أننا في عصر انقلبت فيه الموازين وأصبحت الحقائق أوهاما.
       لقد أثبتت البحوث والدراسات العلمية أن المرأة تختلف عن الرجل في كل شيء، بدءاً بالصورة والأعضاء، وانتهاء بذرات الجسم وخلاياه النسيجية، وهذا الاختلاف يلقي بظلاله على التكوين الجسمي والنفسي للمرأة ، فهي ضعيفة في الأول عاطفية في الثاني، وتبدو الآثار النفسية عند المرأة أكثرحدة في فترة الدورة والولادة، لأن التغيرات الجسمية المصاحبة تؤثر في القوى الذهنية والسلوك، وتضمحل قوة الجهد العقلي والتركيز الفكري أيام الحيض، إضافة إلى التهاب المجموع العصبي وتبلد الإحساس واضطراب الشعور، وبعض الأعراض المرضية الأخرى، وفترة الحمل لا تختلف كثيرا عن فترة الحيض، ولفترة ما بعد الحمل أعراضها وأمراضها!..
     ومن رحمة اللهتعالى- بالمرأة أن جعل مهمتها توافق بناءها الجسمي والنفسي، فأوكل إليها مهمة صناعة الرجال وهندسة الأجيال، وهي لعمر الله أشرف مهنة، بينما أوكل إلى الرجل مهمة السعي والحركة للضرب في الأرض والإنفاق على المرأة وأطفالها، وحين يحدث العكس تنهار البشرية ويرتبك سيرها، وبدايات التصدع واضحة في المجتمع الغربي، وسأضرب لذلك مثلا، لقد فرضت " دوت" على زوجها " بايرون" ضرورة قراره في البيت، فقدم استقالته من التدريس ليمارس مهمة تربية الابناء والعمل المنزلي، وراحت دوت (رب الأسرة الجديد) تمشي في مناكب الأرض لتحصيل الرزق والانفاق على من تعول!.. وذات مساء حاول "بايرون" إسكات الطفلة "ماريش" فلم تطعه، فتوترت أعصابه فصفعها بيده فازدادت بكاء، فما كان منه إلا أن دق رأسها ورمى بها أرضا ليجد طريقه إلى السجن!.. وعادت الزوجة المسترجلة لوظيفتها الأولى بعد أن دفعت الثمن.
      وكما يقول الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله- فإن "المرأة ستظل اليد اليسرى للإنسانية، وسيظل عملها في البيت أكثر من عملها في الشارع، وسيظل الرجال حمالي الأعباء والأثقال في الشؤون الخاصة والعامة؛ لأن طاقة كلا الجنسين هكذا، ولأمر ما لم يرسل الله نبيا من النساء".
      إن الاختلاف الحاسم في طبيعة المرأة والرجل انجر عنه الاختلاف في المهمة والأهداف، ليواجه كل منهما مطالبه الأساسية في تكامل وانسجام، لذلك لا أرى كيف تستساغ هذه الثرثرة الفارغة عن المساواة الآلية بين الجنسين، إذ المساواة في الإنسانية أمر طبعي، ولكن المساواة الآلية والوظيفية غير ممكنة وإن أرادها أهل الأرض كلهم، وإن عقدت لها المؤتمرات تلو المؤتمرات.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كافة الحقوق محفوظة 2013 © مدونة alghasry