أخرج البخاري في الصحيح من حديث عمر رضي
الله عنه أن رجلا اسمه عبد الله جلد في الخمر، فقال رجل: اللهم العنه.. ما أكثر ما
أتي به!.. فقال النبيﷺ : لا تلعنوه.. فو الله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله!..
قال تقي الدين أحمد: (كثير من أهل الشهوات فيهم من المحبة لله ورسوله ما لا يوجد في كثير من النساك) جامع الرسائل
2/322.
تمثلت هذا الموقف النبوي وأنا أرى جموع المسلمين تنتفض من أقصى شنقيط إلى
أقصاها، انتصارا لعرض نبيها ﷺ، بشيبها وشبابها رجالها ونسائها، في لوحدة فنية بديعة،
تأخذ بمجامع القلوب، وتزرع في النفس الأمل، وتسمو بالروح في مدارج الكمال.. لوحة تقول:
رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد ﷺ رسولا.
جموع تحب الله ورسوله.. لم يجمعها نسب ولا سبب،
وإنما اصطفاها الله لحبه والذود عن عرض نبيه ﷺ، فنالت
بذلك عز الدنيا، ونسأل الله أن لا يحرمها الأجر في الأخرى.. رجال ونساء رفع الله
في العالمين ذكرهم، وقرن باسم نبيه ﷺ أسماءهم، فيا له من شرف!.. ويا لها من منزلة!..
لقد رفع الله بالنصرة أقواما ووضع بها
آخرين.. رفع بها أقواما تولوه ونصروا نبيه صلى الله عليه وسلم، ووضع آخرين فرحوا
بمقعدهم خلاف رسول الله، وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، بل
استمرأ بعض المخذولين المخذلين إثارة الغبار حول جحافل النصرة، وطعنها في الظهر
فكانوا خير سند للملحدين والمارقين.
عبدالله المحب لله ورسوله المتطهر من شهوته
بالحد، خير من ملء الأرض من العبيد الشاردين المنكرين للحدود، المنافحين عن كل منحرف
مارق.. كلما أطلت فتنة وادلهم خطب كانوا أقسى علينا من العدى، فلم ينصروا صلاحا
ولا هدى.
إن جماهير النصرة لم تدَّعِ العصمة حتي يثير المخذلون حولها الغبار!..
لكنها آثرت هواية جمع الغبار في سبيل الله عز وجل، فبذت بتقواها تقى أقوام ادعوا
النسك والإمامة والذكر والفكر، وقد ركبوا فلك الأعداء، أو لزموا خبايا الزوايا
فطواهم النسيان.
إن في حشود النصرة عبرا وعبرات!..
بحاجة منا لوقفات ووقفات.. فما بعد هذه الاحداث ليس كما قبلها.. نسأل الله عز وجل
أن يستعملنا ولا يستبدلنا.. وأن يجعلنا ممن يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق