أخبرنا
سليمان بن نفيع القرشي، عن خلف أبي الفضل القرشي عن كتاب عمر بن عبد العزيز إلى نفر كتبوا بالتكذيب بالقدر: "أما بعد فقد علمتم
أن أهل السنة كانوا يقولون: "الاعتصام بالسنة نجاة، وسينقص العلم نقصا سريعا، ومنه قول عمر بن الخطاب وهو يعظ:
"إنه لا عذر لأحد عَبَدَ الله بعد البينة، بضلالة ركبها
حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة. فقد تبينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر، فمن رغب عن أنباء النبوة وما جاء به الكتاب، تقطعت من يده أسباب الهدى، ولم يجد له عصمة ينجو بها من الردى، وبلغكم أني أقول: إن الله قد علم ما العباد عاملون، فأنكرتم ذلك، وقد قال تعالى: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ}، وقال: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}، وزعمتم في قول الله: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}، أن المشيئة في أي ذلك أحببتم فعلتم من ضلال أو هدى؟ والله يقول: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، فبمشيئته شاءوا.
حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة. فقد تبينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر، فمن رغب عن أنباء النبوة وما جاء به الكتاب، تقطعت من يده أسباب الهدى، ولم يجد له عصمة ينجو بها من الردى، وبلغكم أني أقول: إن الله قد علم ما العباد عاملون، فأنكرتم ذلك، وقد قال تعالى: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ}، وقال: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}، وزعمتم في قول الله: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}، أن المشيئة في أي ذلك أحببتم فعلتم من ضلال أو هدى؟ والله يقول: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، فبمشيئته شاءوا.
وقد حرصت الرسل على هدي الناس جميعا، فما اهتدى منهم إلا من
هداه الله، وحرص إبليس على ضلالتهم جميعا، فما ضل منهم إلا من كان في علم الله
ضالا، وأنكرتم أن يكون سبق لأحد من الله ضلالة أو هدى، وأنكم الذين هديتم أنفسكم
من دون الله، وحجزتموها عن المعصية بغير قوة من الله. ومن زعم ذلك منكم، فقد غلا
في القول، لأنه لو كان شيء لم يسبق في علم الله وقدره، لكان لله في ملكه شريك تنفذ
مشيئته في الخلق دون الله، والله يقول: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ
وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ
وَالْعِصْيَانَ}، وسميتم نفاذ علم الله في الخلق حيفا، وقد جاء الخبر أن الله
عز وجل، خلق آدم، فنثر ذريته بين يديه، فكتب أهل الجنة وما هم عاملون، وكتب أهل
النار وما هم عاملون"
-
رواه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة 2/423
-
وابن الجوزي سيرة عمر ص88-89
-
وأبو نعيم في الحلية 5/346-353
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق